"Tickling Giants" أو "دغدغة العمالقة"


 "Tickling Giants" أو "دغدغة العمالقة"




Moustafa ElHusseiny

منذ عدة أسابيع تمت دعوتي هنا في نيويورك كأحد العاملين بصناعة الإعلام لحضور عرض خاص لفيلم وثائقي للمخرجة الأمريكية المتميزة Sara Taksler، الفيلم إستغرق تصويره ما يقارب الأربع سنوات "بدأ بعد الثورة المصرية بحوالي عام" ويحكي عن الإعلامي المصري باسم يوسف منذ بدأ تواجده على الساحة الإعلامية المصرية وحتى إستقراره في أمريكا، الفيلم سيتم إطلاقه في خلال أسابيع في السينمات الأمريكية وبعض السينمات الأوروبية تحت إسم "Tickling Giants" أو "دغدغة العمالقة" أو "زغزغة العمالقة" كما نطلق عليها نحن في مصر، الفيلم من ناحية المستوى الفني متميز للغاية ويبدو واضحًا بشكل جلي حجم الجهد والوقت والمال التي تم إنفاقه لكي يخرج هذا العمل بصورة جيدة ومؤثرة، لكن ما يهمني هنا نقطتين:


الأولى: أن باسم في هذا الفيلم يزيف التاريخ لتشويه خصومه، تمامًا مثل من قاموا بحذف صورة البرادعي من قائمة الحاصلين على جوائز نوبل في مناهج تعليم المرحلة الإبتدائية فقط لأنهم يختلفون معه سياسيًا، فباسم عرّض مرارًا وتكرارًا أثناء أحداث الفيلم بما أسماه "القمع الإسلامي الذي حدث للمجتمع في العام الذي كان فيه محمد مرسي رئيسًا" !!، بل قالها واضحة وصريحة في أحد مشاهد الفيلم، حين يظهر وهو يتحدث مع أفراد فريق عمل برنامجه عقب بيان الجيش والإطاحة بالرئيس محمد مرسي، حيث قال مبررًا إنقلاب الجيش "أصل الناس عمرهم ما كانوا هيسمحوا لحد يتحكم فيهم ويقولهم يلبسوا ايه ومايلبسوش ايه !!" وكأن الإخوان أو الإسلاميين قمعوا المجتمع في هذا العام حتى وصلوا لمرحلة إجبار الناس على نمط معين من الملابس !! طبعًا أدع لك عزيزي القاريء استرجاع أحداث هذه الفترة "القريبة للغاية" من ذاكرتك لتتذكر هل قام الإسلاميين بقمع الشعب والمجتمع فعلًا في تلك الفترة لدرجة إجبارهم على إرتداء زي معين أو أنواع محددة من الملابس !!، بل يمكنك طبعًا إستدعاء المزيد من ذاكرتك لتتذكر كيف كان يُعامل الإسلاميين آنذاك في المجتمع منذ اللحظة الأولى لوصول "محمد مرسي" للرئاسة وكيف كان يُعامل خصومهم طيلة تلك الفترة !!

الثانية: أن باسم يمارس عملية التأريخ الإنتقائي لعدد من الأحداث الهامة، مما ينتج عنه تضليل المشاهد غير المتابع الجيد للأحداث "طبعاً جمهور الفيلم المستهدف هو المُشاهد الغربي بالأساس الذي لا يعرف عن مصر سوى بعض القشور"، فباسم مثلًا في كافة اللقطات التي تصف المجازر التي قام بها الجيش المصري بعد الإنقلاب لا يدين الجيش بشكل صريح بل " بيلف ويدور " كما نقول بالمصري لعدم التعرض للجيش بأي إدانة واضحة !! كما يقوم في عدة مشاهد بإقتطاع المعلومة أو تمويهها بحيث لا يمكن للمتابع الخروج برؤية واضحة عن أحداث تلك الفترة !! لدرجة أنه في تعليقه الصوتي أثناء الفيلم على أحداث مجزرة رابعة لا يمكنك أن تفهم بشكل واضح من كلامه "من الذي قتل كل هؤلاء المعتصمين ؟! هل هي قوات الشرطة أم الجيش أم الأهالي أم متظاهرين آخرين مناوئين للإسلاميين !!"، طبعًا أنا لا أعلم متى تم هذا التسجيل الصوتي تحديدًا وهل تم في الوقت الذي كان فيه باسم ما زال خائفًا من التهديدات التي وصلت لأسرته من النظام المصري كما أعلن منذ فترة، لكنني أعتقد أنه وإن زالت هذه التهديدات الآن بإستقراره الدائم هو وأسرته في أمريكا وتغيرت الظروف تمامًا الآن، لدرجة بدأه منذ فترة قريبة في الإنتقاد الواضح للسيسي ونظامه، لذا فإن الواجب والأخلاق يقتضي عليه تعديل ذلك النص الصوتي ليعرض الحقيقة التي أصبحت معروفة للجميع الآن، عمومًا من جهتي نبهت المخرجة لذلك بأسلوب لطيف وأكدتُ مرارًا على أنني لا أقصد إطلاقًا رؤية باسم الشخصية تجاه الإخوان أو أرائه الفكرية تجاه منهجهم، فذلك مما هو معلوم بالضرورة أنه ملك له منفردًا ولا يمكن لأحد أن يطلب منه تعديل ما يعتقده تجاه فصيل أو آخر، لكنني أقصد تشويه أو تزييف معلومات واضحة معروفة للجميع وتاريخ حديث لم يمضي عليه سوى ثلاث سنوات فقط، ولا ينبغي له أن يُزيف عيانًا بيانًا ونحن على قيد الحياة لغرض أو لآخر في نفس يعقوب !!

إرسال تعليق

0 تعليقات